مهرجان كان السينمائي : “ومن الحب ما قتل”. “أنيت” في ملحمة موسيقية غنائية عن الحب والموت والحياة

7 يوليو 2021167 مشاهدة
مهرجان كان السينمائي : “ومن الحب ما قتل”. “أنيت” في ملحمة موسيقية غنائية عن الحب والموت والحياة
رابط مختصر
قناة العرب تيفي
قناة العرب تيفي : افتتح رسميا يوم الثلاثاء 6 يوليو/تموز فيلم المخرج الفرنسي ليوس كاراكس “أنيت” مهرجان كان السينمائي في مسابقته الرسمية التي تضم أربعة وعشرين فيلما. والفيلم بطولة الممثل الأمريكي آدم دريفر والممثلة الفرنسية ماريون كوتيار وهو ناطق بالإنكليزية. وفق موقع فرانس 24 .
افتتح يوم الثلاثاء 6 يوليو/تموز مهرجان كان السينمائي مسابقته الرسمية في دورته الرابعة والسبعين بعد غياب العام الماضي بسبب جائحة كورونا. وكان فيلم “أنيت” للمخرج الفرنسي ليوس كاراكس في الموعد مصحوبا بالممثل الأمريكي اللامع آدم دريفر من أبطال سلسلة “حرب النجوم” والممثلة الفرنسية الهوليوودية ماريون كوتيار.
لم يكن هذا الظهور الأول لدريفر في مهرجان كان؛ فقد شارك في نسخة 2018 في فيلم سبايك لي “كو كلوكس كلان السوداء” والذي حاز جائزة لجنة التحكيم. وهو ها يعود مرة أخرى في “أنيت” بطلا لفيلم الافتتاح في نسخة 2021 مع الفرنسية ماريون كوتيار التي شقت طريقها في غابات هوليوود المخيفة بكل اقتدار. “أنيت” أيضا هو فيلم كاراكس الثاني في كان بعد فيلمه الأخير “هولي-موتورز” الذي شارك في نسخة 2012.
“أنيت” هو اسم الطفلة وثمرة الحب الجارف بين آدم دريفر (هنري ماكهنري) وكوتيارد (آن)، الطفلة المعجزة إذن. هنري هو فكاهي ساخر غريب الأطوار من لوس أنجليس تحيط به وبعرضه المسرحي الشهرة في كل مكان، وآن حبه العظيم مغنية أوبرالية صعدت سلم المجد وقمة الشهرة في مجالها ويحبها الجمهور بجنون.
يعيدنا هذا الفيلم إلى أجواء وموسيقى برودواي في ستينيات وسبعينات القرن الماضي لكنها هنا تمتزج بالأوبرا كما لو أراد كاراكس أن ينتج نوعا جديدا من المسرحيات الغنائية، كما أنه يعكس بكل أمانة الشخصيتين الرئيستين في الفيلم. الحوار برمته، أو يكاد، غنائي يغوص بنا في دواخل الشخصيتين المتحابتين إلى حد الجنون في عالم لا نكاد نميز فيه الحقيقة من الخيال… فعالم الفيلم غرائبي بالدرجة الأولى، ولكنه يطرح الأسئلة الوجودية لكل زوجين: أين الحب في حياتي؟ هل ما يجمعنا هو الحب فعلا أم شيء آخر لا ندرك كنهه؟
يشدنا الفيلم منذ الوهلة الأولى بالدخول المسرحي في القصة، وهو الدخول الذي يعلنه المخرج بنفسه من داخل الأستوديو بجملة “أما آن لنا أن نبدأ؟” لتشرع بعدها موسيقى الأخوين سباركس في الصدوح عاليا متجاوزة حدود الأستوديو وآخذة الممثلين بالكورس الغنائي إلى الخارج في الشارع لينحني الجميع أمام إله خفي ربما كان يد القدر نفسها، ويسجدون أمامه ربما تكفيرا عن خطايا ستحدث في المستقبل.
الموت من أجل الجميع هو ما تفعله “آن” في كل عروضها الأوبرالية، بينما قتل المشاهدين “ضحكًا” هو مهمة هنري ماكهنري على المسرح. لكن هل القتل ضحكًا هنا هو المجاز والواجهة التي يخفي بها هنري العنف المتأصل والمتجذر في ذاته؟ فهو لا يتورع عن فعل أي شيء على خشبة المسرح ليبهر الجماهير حتى ولو كان إطلاق نار مفتعل ليوهمنا بأنه مات حقيقة. إنه الضحك بالصدمة، يستفيق الجمهور ليضحك حتى الموت، أيضحك من أفعال هنري المجنونة أم على قصة هنري الذي لا يتورع عن حكاية أدق التفاصيل في علاقته مع آن هكذا أمام الجميع.
عندما يلتقي هنري بآن بعد انتهاء عرضيهما تسأله هي بكل حب وأمام كاميرات المصورين المهووسين بالزوجين الناجحين، كيف كان عرضك؟ فيرد هنري قائلا: لقد قتلتهم جميعًا. فترد هي بكل عفوية: أما أنا فقد أحييتهم جميعًا. فهل يمثل هنري الموت بينما آن هي صورة الحياة المشعة.
أجواء الفيلم مظلمة كما لو كنا طوال الوقت في عرض مسرحي، تتخللها لحظات من النور والطبيعة تعكسها الكاميرا بصورة ميتافيزيقية تعطي الانطباع بأننا خارج الفيلم ولسنا على الأرض، بل في السماء… إنها اللحظات التي يغني فيها البطلان “إننا متحابان ونموت عشقًا”. حتى لحظات العلاقة الحميمية والجنس التي تجمعهما تحدث في الظلام وتتوقف عليهم الكاميرا للحظات لتعطينا لقطات وكأنها صور هرب ريتس المصور الفوتوغرافي الأمريكي أستاذ التصوير بالأبيض والأسود.
رغم ذلك الحب الجارف الذي يجمع ما بين الاثنين فإننا نشعر أن “هناك شيء في الأجواء”… غامض مستتر ومفضوح في الآن ذاته. يدا هنري اللتين تمتدان لتطبقا على عنق آن من الخلف في مفاجأة للمشاهدين الذين يتصورون أنه سيقتلها، فيصيبهم الإحباط بعد أن تنزلقا في نعومة حول كتفيها ليضمها إليه…
لكنه الإنذار الذي يدق بقوة في عقل المشاهد وبصورة لا واعية تشعر به آن في أحلامها عن عنف زوجها الدفين الذي من فرط حبها له لا تراه في حياتها الواعية. لكنه ها هو في الحلم تطارده النساء بشكاوى التحرش الجنسي والعنف في استباق لحركة #أنا_أيضا النسوية المناهضة للتحرش والعنف ضد المرأة.
في وسط كل هذه الأمواج والعواطف المتلاطمة في حياة الزوجين تأتي “أنيت” تلك الطفلة التي اختار لها المخرج أن تكون في شكل عروسة ربما لأنها منعدمة الإرادة بين هذين الأبوين المتنافرين كقطبي مغناطيس والمتجاذبين بخيوط الحب الأبدي.
لن نعرف أبدا إن كان هنري قد قتل آن دون قصد وسط العاصفة على يختهما برعونته وسكره الشديد أم أنها سقطت من على متنه عندما انزلقت قدمها… كل ما نعرفه أنها لم تسامحه أبدا على موتها وقررت من أعماق الموت أن تعود لتنغص عليه حياته وتطارده في صورة أنيت الطفلة المعجزة التي ورثت عن أمها صوتها الأوبرالي وباتت قادرة على الغناء وهي في الثالثة أو الرابعة من عمرها.
معجزة استغلها أبوها هنري ليجني من ورائها الأموال الطائلة بعد أن دمر بيديه مسيرته المهنية. يذهب بعدها إلى السجن ليلاقي جزاءه لما اقترفت يداه من جرائم وتتحرر أنيت من سلطته لتصبح طفلة طبيعية في النهاية.
ويسدل الفيلم الستار على أنيت وهي تزور والدها في السجن للمرة الأخيرة ربما وتطرح عليه سؤالا يلخص آلامها: هل بإمكانها أن تسامحهما هو وأمها؟ هل بإمكانها أن تنسى؟ فيرد هنري: ليس لآن ذنب… لا لا أنيت… لا تنظري إلى قعر الهاوية.
المصدر: قناة العرب تيفي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.