العرب تيفي Al Arabe TV

الناقد السينمائي المغربي محمد مجاهد يكتب : الممثلة سامية أقريو بين التشخيص و التأليف

قناة العرب تيفي

-
الرباط  – العرب تيفي  – سامية اقريو الفنانة المجتهدة ، رسمت مسارا فنيا متنوعا بين التشخيص و الكتابة ، و الملاحظ أن العنوان البارز : بنات لالة منانة ، حفر المسار الفني بل خلق له منعطفا واضحا حيث تولد لدى سامية شغف ارتبط بالكتابة ، فكانت بنات لالة منانة مسرحية ثم شريطا ثم سلسة ثم مجموعة من اﻷشرطة التي بقيت محافظة على لمسة سامية في الكتابة وقد شاركتها في العديد منها صديقتها و رفيقة دربها نورة الصقلي .
غير أن ما نسجله امام تشجيعنا المتواصل له علاقة بتيمة موضوعية نسجتها الفنانة سامية في كل كتاباتها ، حيث بقيت تعالج العلاقة بين الجنسين و في كثير منها تعالج بطريقة او بأخرى قضايا المرأة وكانت ولازالت تنتصر للمرأة كإنسان يضحي ، يصبر ، يحمل هم الحياة اكثر من شريكه الذي يتميز بالسلطة بعدم التوفر على الحكامة الجيدة في تدبير أمور الحياة بصفة عامة . و هذا ما نلمسه كذلك في آخر أعمالها : ياقوت و عنبر . كثير من الناس المهتمين سيعتبرون هذا المسلسل عملا دراميا لا يحتاج الى كثير تدبر في فهم تفاصيل أحداثه موضوعا و شكلا ، نعم هو كذلك لكن حينما يفهم المؤلف كيف يدبر فكرته و حينما يستغل وقته الكافي في بلورة هاته الفكرة بل حينما يبحث كثيرا في برامج الحياة ليجد المنفذ المناسب لكل عقد الاحداث المتشابكة يكون بذلك قد استوفى شروط كتابته ومن واجبه / اﻷكيد الخروج برواية مستحبة إن لم أقل ناجحة بمقاييسها التي تجعلها تتصدر الموسم ، و لهذا نحن من بين من يدعو للكتابة على نفس هذا المنوال وفق القاعدة : المؤلف المفرد انطلاقا من رغبته و تنقيبه و قوة قلمه . لا أريد هنا ان أطرح قراءة لمسلسل : ياقوت و عنبر ، لكن اريد بدرجة اولى أن اوضح تلك التيمة التي حافظت عليها سامية ولازالت في تبيان مدى دور المرأة داخل المجتمع و مدى قوة صبرها امام مجموع ما يعترضها من صدمات ،إذ هي مجبرة على تفهم شريكها وعلى اﻷخذ بخاطره وتلقي جميع الضربات الحياتية التي من شانها فصل العلاقة اﻹنسانية وهو ما لا تتحمله المرأة عند سامية حيث دائما تبحث في لهف عن متمم الشخصية اﻹنسانية / الزوج وفي نفس اﻵن تحتمي بدفء حنانه وقوة عضلاته ، هذا ما نستشفه من خلال كتابات الفنانة سامية : الرجل حنان قد يغيب و عضلات قد تفشل، في المقابل المرأة وإن مكرت فهي تمكر من أجل تحقيق رغبة اﻵخر .
قد تتعدد المفاهيم و الصور و يتوحد الموضوع ، سامية إظافة إلى ما ذكر تحاول أن تجمع كما هائلا /متنوعا من حياة كل المجتع اﻹنساني منتصرة دائما لقضية جنسها في جل ما تكتبه أو في جل ما أطلعنا عليه الجنريك من قصة سيناريو و حوار سامية أقريو ،وهنا أصفق لها بحرارة ﻷنها تتبنى الصفة الحقيقية للمؤلف ، الذي يتوفر على حريته الخاصة في كتاباته بصدقه الدفين داخله ، لهذا نحن لا نؤاخذ على سامية تعلقها بقضية المرأة و تغليب كفتها في كثير اﻷحيان بقدر ما نشجعها على المواصلة و استخراج ما يمكن استخراجه من رحيق يراعها الغائب لدى كثير ممن يعتبرون أنفسهم مؤلفين ، خاصة منهم اولائك الذين يكتبون كلامهم داخل خليات بدون محتوى . وهذا مشكل آخر يضع الحجرة العثراء في تقدم العمل الدرامي الوطني .
و نحن نشتغل على إسم سامية أقريو ككاتبة للتلفزيون نستحضر غيابها للكتابة السينمائية ،آملين في أن تخلق من مخيالها اﻷدبي سبيلا موازيا لمعالجة القضايا ولو فيما ترغب الغوص فيه مما تعلق ببنات جنسها ،لكن هاته المرة من على الشاشة الفضية ، الساحة السينمائية في حاجة إلى مؤلفين ليتنوع الموضوع و لتتسع مساحة العمل و تشمل كل موهوبينا من السينمائيين الذين هم كذلك في حاجة إلى مادة تحقق لهم رغبتهم اﻷكيدة في العمل ، و من جهة أخرى على سامية أن تتأكد أن للسينما عليها حق و من واجبها أن تتفاعل مع منظومتها ببالغ اهتمام كما هو شأن تفاعلها مع الشاشة الصغيرة و الخشبة المسرحية ، و ذلك حتى لا نراها ترسم لنفسها نمطا سرعان ما يظهر بارزا / لامعا ثم يفتر في برودة تامة لا يمكن بعدها ان يضيء فتيلها قيد نفسه . إن نجاح الكاتب في تعدد إنتاجه و تطور أفكاره ومسايرته المنظومة الفنية برمتها . و نحن بذلك ملزمون على مناقشة الفنانة /الكاتبة المجتهدة سامية أقريو بميزتها الحسنة التي توشح صدرها وبشارة المؤلف التي أصبحت تتميز بها أكثر ما يميزها في التشخيص، نلزمها بتنويع عطائها و الانخراط الكلي في المنظومة الفنية.
المصدرقناة العرب تيفي