الكلمة الطيبة سلاح الصلاح / بقلم: هيام محي الدين

كتاب العرب TV
18 سبتمبر 2013121 مشاهدة
الكلمة الطيبة سلاح الصلاح / بقلم: هيام محي الدين

للكلمة الطيبة مزايا عديدة تقرب القلوب وتذهب حزنها ، وتمسح غضبها ، وتشعرنا عندما نسمعها أننا في سعادة واستواء نفسي غامر ، وحبذا لو رافقتها ابتسامة صادقة وقد بين القرآن هذا الأثر في قوله تعالى: ” ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ، يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ” صدق الله العظيم.
فالكلمة الطيبة في المنظور الإسلامي شجرة طيبة أصلها ممتد ثابت راسخ في الأرض وفروعها ممتدة في السماء تتسامى عالية على مد البصر يانعة الثمار لا تزعزعها الأعاصير ولا تقوى عليها الزوابع والكلمة الخبيثة شجرة خبيثة قد تهيج وتتعالى أغصانها الهشة وتتشابك ولكنها لا جذور لها في الأرض ولا ثبات لها أمام رياح الحق فتجتث وتسقط وتفنى وتزول.
فالكلمة الطيبة تهدى وتعمر وتطمئن وتشرح الصدر وتنشر المحبة والرخاء بعكس الكلمة الخبيثة فإنها كلمة مظلمة خربة تؤدي إلى الفتنة والضلال والضياع وتهدم معالم الحق وتهدد الكرامة وتفسد في الأرض وتفرق بين الناس وتقضي
على الفضيلة وتشيع الفاحشة والرذيلة.
والكلمة الطيبة أسمى ترجمة للشعور الصادق الطيب والإحساس تحمل حروفها دفء الحب والعطاء وسعادة التواصل الرفيع بين الإنسان والإنسان.
الكلمة الطيبة بذرة طيبة تتحول إلى شجرة سامقة مثمرة تنشر الظل وتمنح الخير ثابتة الجذور سامقة الفروع فالكلمات الطيبة لها دور مؤثرة في جلب ما نريده لحياتنا وكل كلمة طيبة تغرس في الأرض وتنبت نباتا طيبا وهي نور ومشعل يضئ طريق النفوس الطيبة والقلوب المؤمنة إلى طريق الخير فهي جواز سفر إلى القلوب ومانحة السرور والارتواء النفسي لقائلها ومتلقيها.
كثير من الناس يجهلون تأثير الكلمة الطيبة الذي يصل إلى أن يكون سببا في شفاء إنسان أو سعادة آخر وتكون الكلمة الخبيثة سببا في إيذاء إنسان وطريقاً يسلكه صاحبها إلى جهنم ، مصداقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم “.
وقد أكد الإسلام كثيرا على أهمية الكلمة الطيبة واعتبرها بمثابة صدقة نتصدق بها على غيرنا وننال ثوابها فالإنسان العاقل هو الذي لا ينطق إلا بعد تفكير وروية حينئذ يسلم من الزلل والخطأ لأن عقله يكون وراء
لسانه ، أما الأحمق فهو الذي 
يسبق لسانه عقله فتكثر أخطاؤه.
إن الكلام ترجمان يعبر عن ثقافة الإنسان وأخلاقه ومبادئه ويظهر مكنون نفسه وضميره وأكبر دليل على خطورة الكلمة: أن الإنسان يدخل دين الله بكلمة ، ويخرج من دائرة رحمته بكلمة ويبني بيتا وأسرة بكلمة ويهدم بناء بيت ويفرق جمع أسرة بكلمة ، ويعانق الجنة بكلمة ويسقط في غضب الله بكلمة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة ” ويقول جل وعلا ” يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما ” صدق الله العظيم.
والكلمة الطيبة ترقى بأسلوب حياتنا وتعاملنا وتسمو بأنفسنا وألسنتنا ؛ فهي لبنة التخاطب والإعلام والشعر والأدب والتواصل ، وبريد القلب والإحساس ونبض المشاعر وشاهد الضمير ولسان القضاء والعدل وثمرة اللسان وأداة العلم ورسول المعرفة وسمير الحضارة وأداة البيان ودليل الصدق ، فلا يستخفن أحد بالكلمة فإنها أمانة ورسالة ومسئولية ويكفي أن تكون شعار قائلها. وقد تتحول الكلمة إلى صرخة استغاثة أو بارقة أمل أو خطاب شكر وا عجبا لتلك الكلمة تكون برحمة الله سببا في رضوانه وبسخط الله سببا لعذابه ونيرانه.
فالكلمة نعمة ميز الله بها الإنسان عن سائر المخلوقات بالكلمة المفهومة وأمرنا بحسن انتقائها واستخدامها وجعلها الله ضابط الحسنات والسيئات إلى جانب الفعل والإرادة وجعل عليها رقيبا ” ما يلفظ من قول إلا عليه رقيب عتيد ” ليميز بها المصلح من المفسد وقد منحنا الله نعمة بالكلمات لنستعملها في رضاه عز وجل ، والكلمة الطيبة تقدم الشكر والعرفان لمن يخدم الأوطان ولكل من أسدى لنا معروفاً والكلمة الطيبة تعبر عن امتناننا بالدعاء وتكسب حتى الآباء والأمهات قلوب الأبناء والبنات ، وبها يكسب الزوج قلب زوجته ويتواصل معها بالتوجيه والنصح والمودة والرحمة في مسيرة بناء الأسرة الصالحة وتصلح بين الناس وتحقق العدل بشهادة الحق وترفع الظلم وتدفع السوء وتعلى الإحسان ، وندعو بها إلى الحق ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونعظ الموعظة الحسنة وبالكلمة الطيبة نثرى مسيرة الإعلام بالكلمة المسموعة والمنابر المرئية عبر الفضائيات والمنتديات والحوارات والمؤتمرات بالكلمة الطيبة نقدم للآخرين ونتصدق عن أنفسنا ” الكلمة الطيبة صدقة ” ومن هنا نتأكد أن قيمة الكلمة الطيبة وأهميتها في حياتنا الدنيوية والأخروية ولا يكلفنا هذا الأمر غير تحريك اللسان والشفاه وهكذا نرى أن للكلمة الطيبة أثرا عظيماً في تأليف القلوب وكسب الثواب وتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة فهي القول الثابت الذي قال عنه سبحانه: ” يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ، ويفعل الله ما يشاء ” فلنتق الله فيما نقول وما تنطق به ألسنتنا ، فإن كل كلمة ينطقها الإنسان تكتب في ميزان حسناته أو سيئاته اللهم احفظ لساننا وألسنة قومنا ومواطنينا من الكذب وأعيننا من الخيانة وقلوبنا من النفاق وجوارحنا من المعاصي وأنفسنا من
الطمع وإيماننا من المتاجرة به لمتاع زائل.
وارزقنا لسانا ذاكرا وعلما نافعا وقلبا خاشعا وذكرا ناصعا وقرة عين لا تنقطع يا أرحم
الراحمين.

هيام محي الدين – كاتبة وصحافية مصرية 

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.