المخرج الفلسطيني عزالدين شلح يكتب : المخرج نصري حجاج في ظل الغياب وحكايتنا التي لم تكتمل

23 سبتمبر 202188 مشاهدة
المخرج الفلسطيني عزالدين شلح يكتب : المخرج نصري حجاج في ظل الغياب وحكايتنا التي لم تكتمل
رابط مختصر
الكاتب : عزالدين شلح
قناة العرب تيفي -غزة – فلسطين : منذ أكثر من عشر سنوات وتحديداً أثناء إعداد رسالة الماجستير قرأت عن فيلم المخرج السينمائي نصري حجاج بعنوان ” ظل الغياب” وحين تسنى لي حضور الفيلم، أصبح لدي شغف للتعرف على مخرجه ومقابلته، لأن الفيلم تناول الموت برؤية حجاج الخاصة، بفكرة لا تنضج إلا لمن يتمرد على الموت، لمن يرفض حتى بعد الموت أن يكون لاجئاً فلسطينياً بعيداً عن الوطن.
يرى حجاج في فيلمه الوثائقي ” ظل الغياب” أن الموت طبيعياً، ولكن من غير الطبيعي أن تموت دون أن تحقق أمنيتك الأخيرة وهي أن تدفن في وطنك، وأن لا تدفن في الشتات لئلا تبقى لاجئاً حتى بعد موتك، شعور مؤلم.. حتى الموت لا يمنح للفلسطيني الحق في العودة ليدفن في وطنه، قانون عنصري يجسده الاحتلال على كل من هو فلسطيني.
حجاج يمزج في فيلمه بين عشق الأرض والموت، لذلك مع بداية فيلمه نراه يعود لقريته الناعمة شمال فلسطين، لأرضه التي هُجر والده ووالدته منها قصراً، وحين تلامس قدماه أرضه، يصف بصوته الذي يحمل في نبراته حزن تكاد تلمسه، أن كل جبال الكون أصبحت فوق ظهره، وكأنه يخاطبك أنت وحدك، وهو تعبير عن عشقه للأرض وعن رغبته القوية في المكوث وعدم المغادرة، يصف الدمار الذي لحق بقريته، أرض خالية من سكانها، وكيف أن كل هذه المساحات لم تتسع لأمنية والده الذي تمنى أن يعود ليدفن فيها. 
تنقل الراحل حجاج في فيلمه الوثائقي ” ظل الغياب” بين المقابر لمواطنين وقادة فلسطينيين دفنوا في الشتات، يروي لنا اللحظات الأخيرة في حياتهم، فتشعر وكأنه يعيدهم إلى ما قبل الموت، وجميعهم أمنيتهم الأخيرة أن يدفنوا في وطنهم فلسطين. 
تشاء الصدف بأن أتعرف على الراحل نصري حجاج عبر الإنترنت من خلال صديقنا المخرج السينمائي رشيد مشهراوي، في صيف عام 2018، حين أراد الراحل حجاج أن يصل إلى غزة لتصوير فيلم وثائقي طويل كما أبلغني، ولكن الاحتلال لم يوافق ورفض عدد من المرات اعطائه تصريح عبر الشؤون المدنية في رام الله، وبذلك لم نتقابل، ولم تكتمل حكايتي، وحكايته في الحضور إلى غزة لتصوير فيلمه، وخلال هذه الفترة أرسل فيلمه الروائي القصير بعنوان: ” العصفور” للمشاركة في الدورة الثالثة لمهرجان القدس السينمائي الدولي، وقد اختارت إدارة المهرجان فيلمه ليكون فيلم الختام، كما منحته لجنة تحكيم الأفلام الروائية والتي كان يرأسها مخرجنا الكبير المخرج السينمائي السوري محمد ملص جائزة غصن الزيتون الذهبي لأفضل فيلم روائي قصير في الدورة الثالثة للمهرجان.
كنت شغوفا لمقابلته، حين كنت بالمملكة المغربية عام 2019 وعلمت بحضوره لعضوية لجنة التحكيم في مهرجان مكناس السينمائي الدولي، وقررت أن أذهب للمهرجان لألتقي به، ولكن للأسف لم يحصل على تأشيرة دخول للمملكة المغربية، والمفارقة أن إدارة المهرجان وبعد أن تيقنوا أنه لن يستطيع الحضور، اختاروني لأن أكون عضو في لجنة التحكيم عوضاً عنه، وأيضاً لم تكتمل الحكاية.
في هذا العام قررت إدارة مهرجان القدس السينمائي الدولي تكريمه في الدورة السادسة، وحين أبلغته كان سعيد جدا، وقال بأن مشاركته السابقة في المهرجان هي الأحب الى قلبه لأنها في غزة، وتمنى للمهرجان التوفيق والنجاح، بل أنه حاول بقلبه الطيب أن يعمل من أجل استمرار المهرجان، لأنه يدرك أهمية المهرجان والسينما في النضال ومقاومة الاحتلال، رحل حجاج لكن الحكاية لم تنتهي، وسيبقى شعلة تنير لنا وللأجيال القادمة طريق الحرية. 
المصدر: قناة العرب تيفي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.